الخميس، 2 أبريل 2009

الخلط بين النظام المفتوح والنظام المغلق

يميل العقل البشري إلى الاعتقاد بالصواب المطلق. ويبدو أن ذلك يتم جرياً خلف قانون السهولة، إذ إنّ إدراك المطلق أسهل من إدراك النسبي.

أي جهد يبذل في أي مجال من مجالات الحياة يخضع لواحد من نظامين: نظام نسميه النظام المفتوح، ونظام نسميه النظام المغلق.

يكون النظام مغلقاً حين ينعدم تأثره بالعوامل الخارجة عنه. وبذلك يكون ارتباط العمليات المختلفة داخل النظام قوياً قوة مطلقة، وأوضح مثال على ذلك النظم الكيميائية، فإن مقدار معيناً من عناصر كيميائية محددة يتفاعل تفاعلاً واحداً ويعطي نتائج موحدة كلما فعلنا ذلك على مقتضى شروط التفاعل الأول. وبناء على هذا النظام تقوم الصناعات الكيميائية في كل أنحاء العالم.

أما النظام المفتوح فالوضع معه مختلف حيث يتم السماح لنظم أخرى باختراق النظام الذي نتبعه في عمل ما، والتشويش عليه، وجعل نتائج العمل في ظله مظنونة. وأظهر مثال على ذلك ما يتم في الأعمال التربوية والتجارية.
فنحن إذ نربي نتبع نظاماً معيناً في تعاملنا التربوية والتجارية، ولا يخالجنا الشك في جودة ذلك النظام، ولذا فإننا نتوقع نتائج جيدة لممارساتنا التربوية؛ لكن بما أننا نربي على أساس نظام مفتوح فإن نتائج تربيتنا لا تكون دائماً كما نتوقع، حيث يكون للمدرسة والشارع والإعلام والأقرباء والزملاء.. تأثيراتٌ ما في أبنائنا.
وقل نحواً من هذا في ممارسة الأعمال التجارية.

حين لا يدرك الناس طبيعة النظام الذي يعملون في ظله يقعون في اضطراب شديد، فالجهل بأن العمل التجاري ـ مثلاً ـ يجري في ظل نظام مفتوح، جعل بعض الذين أسسوا شركات مساهمة يمنون المساهمين بأرباح كبيرة مع نفي أي احتمال للخسارة؛ وبعد مدة كانت الأرباح أقل من الوعود، أو كانت الخسائر هي الشيء الذي أمكن تحقيقه.

وقل نحواً من هذا في أولئك الذين يجهلون أنهم يربون في ظل نظام مفتوح، فاستخدموا أساليب تربوية بالية؛ مما جعل تأثير الشارع في أبنائهم أقوى من تأثيرهم، فلم يحصلوا إلا على قليل مما يريدون.

لو قارنا الأساليب الدعوية التي تتم في بلد مثل أندونيسيا بالأساليب التي يستخدمها المبشرون، لأدركنا أن المبشرين هناك يدركون أنهم يعملون في عالم جديد، ولذا فإنهم يستخدمون أحدث ما توصل إليه العلم في الاتصال بالناس والتأثير فيهم، ولوجدنا ـ مع الأسف ـ أم معظم الدعاة هناك ما زال يظن أنه المؤثر الوحيد في الساحة، وأنه لا منافس له، فلم يطوروا أساليبهم، ولم يرقّوا لغة خطابهم، ولا حدّثوا وسائلهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق