الجمعة، 8 مايو 2009

مؤامرة خبيثة يحيك خيوطها أسياد النظام المالي

ليس هناك من أزمة دون حل ممكن، فالأزمة، ذاتها، ليست خارج التاريخ،والمجتمع، بل تنتج عن وضع تاريخي اجتماعي معين،والبعض يقول:

«لا يمكنك، دائماً، حل مشكلة ما عبر إلقاء المال عليها»، ولكن حين نتناول تفكيك الأزمة من الناحية الاقتصادية، يمكن لكل اقتصاد مغلق أو مفتوح أن يسقط... في أزمة، والعبرة هنا لا تكمن في السقوط، بحد ذاته، إنما في كيفية تجاوزه إلى حالة جديدة إيجابية.

فتغير أنواع الأزمات يعني الانتقال، من حال معينة إلى حالة أخرى، على قاعدة النظام الاقتصادي القائم، والتغيّرات التي تسفر عنها الأزمة تعتبر مجرد محاولة تكيّف جزئي للنظام، ويتوقف نجاح عملية التلاؤم على الإمكانات الموضوعية للنظام وعلى الوعي الذاتي للطبقات الاجتماعية المسيطرة، بضرورة التغيرات والقدرة على تحقيقها، عملياً لكن يبقى الأهم هو كيفية الخروج من الأزمة الحالية؟.

استكمالاً لدراسة الأزمة الاقتصادية الراهنة تابعت جمعية العلوم الاقتصادية السورية سلسلة متابعاتها الخاصة لتداعيات الأزمة العالمية بندوة حملت عنوان «الأزمة الاقتصادية الراهنة.. بين الاقتصاد المغلق والاقتصاد المفتوح»، من خلال كل من الباحثين د. غسان إبراهيم ود. رزق الله هيلان، اللذان اختلفا في كثير من وجهات النظر خلال عرض المحاضرتين، فماذا قدما؟.

د. غسان إبراهيم المحاضر في جامعة دمشق قال: لقد كان ينظر للأزمات، سابقاً على أنها ظاهرة عابرة ومؤقتة، بينما غدت، عملياً تعبيراً عن ملامح مستقرة للتطور الدوري في النظام الرأسمالي، وأصبحت خصائص التطور الدوري أكثر جوهرية وأن الأزمات الاقتصادية تشغل مكانة متميزة في الاقتصاد السياسي للرأسمالية، ولا يمكن فهم الكثير من ملامح الرأسمالية بشكلٍ صحيح دون التركيز على الطابع الدوري لتطور الإنتاج الرأسمالي، وإذا كان من الصحيح تحديد المسار اللاحق للتطور يقابله ثمن اقتصادي واجتماعي باهظ التكاليف، متمثلاً بالتوقيف المؤقت للتطور والتدمير الجزئي للقوى المنتجة، إلا أن ذلك لا يخرج عن طبيعة الرأسمالية كنظام متناقض وقائم على عمليات وآليات تدميرية، أو كما قال شومبيتر: الرأسمالية عملية تدمير بناء، أي بتعبير معاصر (فوضى بناءة).

اما بخصوص شرحه للاقتصاد المغلق فيقول د. إبراهيم: لم يول هذا الاقتصاد اهتماماً كافياً، وعن قصد، لتحليل الأزمات الاقتصادية الرأسمالية، إذ اعتبرها منظروه من قبيل تحصيل الحاصل، بوصف النظام الرأسمالي قائماً على تناقض جوهري وأبدي بين الطبيعة الاجتماعية للعمل والطبيعة الفردية لتملك نتاج العمل، ولم تتطور، أو بالأحرى تتغيًر تلك النظرة إلى طبيعة التناقض نفسه بوصفه توازناً نسبياً مستمراً وديناميكياً ولا إلى المعنى العميق والخصب للحرية التي تشكل الميزة الوحيدة للاقتصاد المفتوح.

حيث أكد د.غسان إن الديالكتيك الأساسي في الاقتصاد الرأسمالي الراهن لم يعد أيديولوجياً يتمثل في التناقض المستعصي بين رأس المال والعمل، وإنما بين السوق الحرة والتدخل الحكومي أو بين الليبرالية الجديدة والدولة، أي بتعبير آخر: يعتبر الاقتصاد المغلق أقرب إلى اجتماعية السوق أو إلى التنمية المجتمعية فعلاقاته الاقتصادية الخارجية تسخًر لخدمة التنمية الوطنية، مما يخفف، جداً من تعرضه للأزمات الاقتصادية أو لارتدادات الأزمات الرأسمالية.

وفي النقطة الثانية من بحثه عن الاقتصاد المفتوح وان يوم السوق هو يوم الحساب يستشهد بذلك بقولٍ لألفريد مارشال «إن الاقتصاد السياسي هو دراسة للبشرية في ممارسة حياتها العادية»، كما يعتبر د. إبراهيم أن "الرأسمالية تعتبر "التشكيلة الاجتماعية الوحيدة في التاريخ التي حققت فائضاً اقتصادياً على هيئة مشكلة اقتصادية في التصريف، وذلك لأن رأس المال يجهد بشكلٍ دائم، لإنتاج غير محدود مقابل حصر للأجور- أي للاستهلاك عملياً- في أضيق الحدود، وهنا أيضاً تعتبر الأزمة الاقتصادية، مرضاً مستوطناً ومزمناً في بنية الرأسمالية، وفي الوقت نفسه تؤدي دور المنظًم والمحرك في عملية التطور الرأسمالي، والأزمة تتجلى في أشكال متعددة لا تنتهي ما بقي الاقتصاد الرأسمالي اقتصاداً مفتوحاً وماكراً.

وتبدو الأزمة على تعدد أشكالها وأنواعها أو تجلياتها، على إنها إخفاق أو فشلٌ للاستقرار أو التوازن الاقتصادي مما يجعل منها معضلة وجودية أومعضلةً إستراتيجية في ثنايا الاقتصاد المفتوح.

ويوضح د. إبراهيم أن ذلك يجب ألاّ يعني أبداً اختزال النظام الرأسمالي في الشكل أو في الصيغة الاقتصادية المأزومة، لأن ذلك تقزيمٌ له، فالأساس التاريخي للرأسمالية لم يكن، أبداً، اقتصادياً فقط، بل كان مركباً معقداً من الفكر والثقافة والفلسفة والدين والقانون والحرية..الخ، ولذلك استطاعت الرأسمالية ومنذ نشوب أول أزمة اقتصادية ولغاية الأزمة الراهنة وبدون استثناء حسب الدكتور المحاضر أن تتجاوز كل أزماتها مجددة نفسها بأقوى مما كانت عليه سابقاً، ولعل السبب الجوهري لذلك  يكمن في حرية السوق ذاتها، التي لا تعبّر عن اتجاه واحد وإنما عن اتجاهين اثنين: الحرية والسوق.

أن نظام السوق اليوم يخضع لتقلبات اقتصادية حادة، وأن انكماشاً اقتصادياً سيحدث، عاجلاً أو آجلاً، ولذلك فهو محكوم بفترات كساد أو ركود أي بنشوب أزمة اقتصادية، وكل أزمة اقتصادية رأسمالية تعتبر، في الوقت نفسه، أزمة مركبة، محلية وخارجية بسبب الطبيعة الرأسمالية للاقتصاد العالمي.

والغريب والمدهش أن الجهات المسؤولة عن الاقتصاد ـ الحكومة ورأس المال الخاص ـ لا تشك في احتمال حدوث أزمة، إلا أنها تتردد في التصرف.

وبخصوص العلاقة بين النظام الرأسمالي والأزمة، يؤكد د. إبراهيم أن الأزمة لوحدها، غير كافية لإحداث تغيير جذري في النظام السياسي، سيّما إذا كان هذا النظام مسيطراً تماماً على المجتمع، أو بمعنى آخر لا تشكل الأزمة الاقتصادية المعاصرة خطراً على النظام السياسي الرأسمالي، وذلك يعود إلى قوة ورسوخ وشرعية الأساليب والإجراءات المؤسسية لحلها.

وفي تناوله لموضوع الاقتصاد المغلق ودرء الأزمة يتساءل د. إبراهيم:

هل هناك من وسيلة أو آلية معينة للقضاء على إمكانية نشوب أزمة اقتصادية عالمية؟ وهل تقتصر الأزمة الرأسمالية على الأطر الوطنية أم أنها تشمل، حتماً، العلاقات الاقتصادية الدولية؟

ليؤكد بعدها إن عدم تطابق الحالة الاقتصادية في بلدان الاقتصاد المغلق والاقتصاد المفتوح، قد يساعد في الحد من شدة تأثير الأزمة على الصعيد العالمي.

وبمعنى آخر: يتمحور الاقتصاد المغلق على التنمية الوطنية الداخلية، حيث يجير علاقاته الاقتصادية الخارجية لصالح التنمية المجتمعية. وهذا يعاكس، تماماً التدخل القومي فيس الاقتصاد المفتوح، كنتيجة لحصول الأزمة وليس على شكل كابح لنشوبها، إذ يعقب كل أزمة تدخل حكومي، وإنما من منظور مدى كفاءة السوق في تجنب الأزمة.

  لذلك فلا بد من التعمق في مسألة التدخل الحكومي ودور السوق أي أن خطورة الأزمات الاقتصادية لا تكمن في أثرها السلبي على عدم كفاية الدخل، بل على أمن فرصة العمل الذي يعتبر أشد أهميةً اجتماعية وسياسيةً، ولذلك ما يزال الاقتصاد الحقيقي يكتسب أهميةً حاسمةً، لا بسبب السلع التي ينتجها، إنما بسبب ما يوفره من فرص للعمل وبالتالي للدخل، أما بخصوص دور السوق فالمسألة أصبحت أكثر تعقيداً، فتعبير أو مصطلح اقتصاد السوق يعدُّ تعبيراً خالياً من المعنى والدلالة سيّما أن السوق وجدت في كل التشكيلات الاجتماعية، وإذا كانت السوق تملك من معنى بوحي الضرورة، فهو سلطة المستهلك وبالتالي تمويه أو إخفاء سلطة المنتج الرأسمالي الذي يوجه الطلب ويهيمن على المستهلك، أو إنها تعني في أحسن الأحوال غياب أية قوة اجتماعية ذات سلطة اقتصادية، وإنه اعتمد مصطلح اقتصاد السوق بقصد حماية الاقتصاد الرأسمالي من ماضيه المشين وتبرئة الرأسماليين مما ارتكبوه من نهب وظلم واستغلال بحق شعوبهم والشعوب الأخرى.

وفي الفصل الأخير من المحاضرة تحدث د. إبراهيم عن الليبرالية «الجديدة» الدولة الدونكيشوتية: بقوله إن الرأسمالية «تصنع» نظاماً سياسياً يمثل هيمنة رأس المال، تتقمص فيه الدولة لبوساً رأسمالياً. وبالرغم من ذلك تستمر الرأسمالية في الحت التدريجي لقدرة الدولة على إدارة الاقتصاد الوطني، ولذلك  بالضبط يصعب الفصل بين الإدارة الاقتصادية الرأسمالية، وبين الإدارة السياسية الحكومية أو بين الرأسمالية كنظام اقتصادي وبين الدولة كنظام سياسي.

أما د. رزق الله هيلان فقد أوضح منذ البداية إن ما يقدمه محاضرة لا هي في الأزمة الاقتصادية العالمية، ولا هي في الاقتصاد المغلق والاقتصاد المفتوح، وغنه سيقدم ملاحظتين اولاً: ومن الناحية النظرية ماذا يعني اقتصاد مغلق؟، وثانياً: ومن الناحية العملية هل ثمة اقتصاد مغلق في تجربتنا السورية أو في تجربة بلدان أخرى منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا؟.

إن هذا يؤدي بنا إلى استنتاجين مهمين وهو أولا إن اعتماد اقتصاد مغلق ولو بنسبة 50 أو ربما 20% هو أمر غير مقبول وغير ممكن، وثانياً يبقى أمامنا منهج واحد لا غير هو اقتصاد مفتوح ولكن محمي استراتيجياً، بمعنى إقامة وحماية الصناعات الأساسية التكوينية، صناعات الاستطاعة العلمية التقانية الوطنية التي تسمح لنا بالمساهمة الفاعلة في بناء الحضارة العالمية التي نحن جزء منها.

ثم يتساءل د.هيلان بخصوص التجربة التاريخية السورية فيقول: هل ثمة في تاريخنا السوري منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا تجربة واحدة يمكننا أن نصفها بالاقتصاد المغلق؟ مغلق بمعنى أنه معزول عن العالم المحيط، ومكتف بذاته؟

الجواب هو النفي بلك تأكيد، وأضاف د. هيلان أن حضارات وتجارات وتبادل، اقتصاد مفتوح لكن السؤال كيف، مفتوح على ماذا ولماذا؟.

لقد كان اقتصادنا ليبرالياً محمياً بجدار جمركي لكنه لم يكن إطلاقاً اقتصاداًَ مغلقاً، امتلأت أسواقنا سلعاً استهلاكية وبعض المصانع الحديثة المستوردة مفتاح باليد أو ما شابه ذلك، وفي مرحلة ثانية، تدفقت على البلاد الأموال الغزيرة بالقطع الأجنبي وفي مرحلة ثالثة دخلنا عصر العولمة وسرنا بالانفتاح أكثر أكثر، وليس تاريخنا كله، حالة واحدة يمكن وصفها بالاقتصاد المغلق؟ واليوم، أكثر من أي يوم مضى اقتصادنا مفتوح على كل الرياح، فهل هي حالة مرتبط بعقلنا أيضاً؟

وفي ملاحظاته إلى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وبرأيه يبدو إن الأزمة الحالية التي تجتاح العالم تتداخل فيها أنواع مختلفة من الأزمات، مالية، نقدية، اقتصادية دورية قصيرة (حوالي 5 أعوام) ودورية طويلة (نحو 50 إلى 60 عاماً).

وتساءل د.هيلان أهي مجرد فقاعات مالية ناجمة عنه تضخم البورصة وأنواع المضاربة فيها؟، أو عن أنواع الفساد الكبير وعدم الشفافية في إدارة المصارف والشركات منها التي أعلنت فسادها وإفلاسها، أم هي أزمة دورية عابرة متوسطة أو طويلة المدى يبلغ مداها بمختلف مراحلها نحو 50 ـ 60 عاماً، إن أي تدخل من قبل الدولة في صيرورتها الطبيعية يكون ضاراً ومخالفاً لمبادئ النظرية الليبرالية، لأن اليد الخفية كفيلة وحدها بتصحيح أسباب الخلل وإعادة المياه إلى مجاريها، أن أي تدخل إرادي يعطل عمل هذه اليد السحرية ويزيد في طينة الأزمة بللاً؟ أليس هذا ما يزعمه الليبراليون؟

ويرى د. هيلان أن المفارقة المضحكة- المبكية والأكثر مأساوية هو ما يجري في بلداننا العربية، وفي البلدان الفقيرة، لأن شعوبنا تدفع ثمن الأزمة مرتين، المرة الأولى عندما يشفط الأثرياء الفوائض الاقتصادية ويهربونها إلى المصارف الغربية، والمرة الثانية عندما تحدث الأزمة وتتبخر تلك الأموال، وفي الحالتين يفقد المنتجون، أي عامة الشغيلة الذين ينتجون هذه الأموال ويصادرها المستغلون، ويخسرون  من دخولهم المحدودة بسبب الغلاء والفساد وبالتالي يدفعون ثمن الأزمة.

وفي نهاية المحاضرة وككل القراء يقول د. هيلان: من هنا نشأت في ذهني أسئلة حائرة لم أجد لها جواباً شافياً في المعلومات الغزيرة التي تغرقنا بها شركات الإعلام العالمية شبه الاحتكارية، لكنها في الوقت ذاته تحرمنا من المعلومات اللازمة لتكوين رأي حقيقي دقيق عن الأزمة:

وأشار المحاضر إلى أسئلة محيرة ولكنها جاءت أكثر واقعية حيث اختصرها بأنه إما أن تكون المؤسسات الأمريكية والأوروبية عاجزةً عن فهم النظام الرأسمالي وإدارته بعقلانية وبالتالي تفادي هذه الأزمات، وهذا يصعب تصديقه نظراً للإمكانات الهائلة العلمية والتقانية والمالية التي تمتلكها وتتصرف بها بكل حرية، أو أن تكون الأزمات والحروب وما ينجم عنها من كوارث ومآس قدر مكتوب في قلب النظام الرأسمالي، وهو ما سيقود حتماً إلى الانهيار النهائي للنظام وحلول الاشتراكية محله، وهذا ما يتفق مع التحليل الماركسي لهذا النظام، أو أخيراً أن تكون ثمة مؤامرة خبيثة يحيك خيوطها بسرية تامة أسياد النظام المالي لشفط الفوائض المالية العالمية وبالتالي ضمان سيادتهم المطلقة على النظام العالمي الاقتصادي والسياسي، ونتيجة ذلك الواضحة هي تزايد الثروة عند الأثرياء واتساع الهوة بينهم وبين الفقراء داخل كل بلد من ناحية، وبين بلدان الشمال والجنوب من ناحية ثانية.

مؤكداً أن الليبرالية أساءت استخدام الامتيازات التي حصلت عليها طيلة العقود الماضية ولم تلتزم معايير وأخلاقيات العمل الاقتصادي في الشفافية والمصداقية، مما أدى إلى تحويل الأرباح التي ترتفع سنة بعد سنة بشكل غير عادين وتحويلها إلى كرة ثلج هائلة هوت على رؤوسنا جميعاً.

 

مداخلات بلغة أكاديمية

غسان القلاع قال: إن من أهم نقاط التي أثارها د.رزق الله هيلان والتي بدوري سأركز عليها هي عندما قال أن هناك تركيبات يجب أن نعرفها أو نتوقعها كإدارة المجتمع الرأسمالي للأزمة منذ أزمة عام 1929 وحتى الآن لأنها تدار من قبل هذه التركيبات الرأسمالية، إن هذا الكلام ما زال وارداً وقائماً، وخلال مداخلتي على المحاضرة التي ألقاها الدكتور قدري جميل أكدت أن ما زال هناك شكوك في أن هذه الأزمة هي أزمة رأسمالية، لإدارة الاقتصاد العالمي بشكل جديد ومختلف، صحيح أننا تحدثنا عن الأزمة باعتبارها قائمة لكن لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها وهي سيصيبنا، ونحن جزء من هذا العالم والسؤال: هل نحن في سورية نشعر بها لنعالجها أم هو ترف فكري؟

د. نبيل مرزوق: أوضح في البداية أن الاقتصاد المغلق هو حالة نظرية تامة لأنه عملياً لا يمكن وجود اقتصاد مغلق يحقق اكتفاءً ذاتياً، وأكد إن كل الذي قبل وسيقال لاحقاً هي من أجل أن تتوجه الحكومة للاستعداد لمواجهة هذه الأزمة ورؤية السبل المناسبة لها، إن ما نقدمه ليس ترفاً فكرياً، بل نحاول أن نفهم ما يجري على الساحة الدولية الاقتصادية حتى نتجنب وتتجنب حكومتنا الانزلاق في الأزمة.

د. حيان سليمان: عند قراءتي لاقتصاد السوق المفتوح الذي كان أقرب إلى الطرح الأكاديمي، إن الاقتصاد هو علم الأرقام، حيث يوجد بين الاقتصاد المغلق والاقتصاد المفتوح معادلة  مهمة، فعندما لا يتعارض الطلب الإجمالي مع الناتج المحلي الإجمالي (وجود صادرات ومستوردات) يعني ذلك أننا أخرجنا من إطار الاقتصاد المغلق، أي أننا أصبحنا نتحدث عن درجات في الاقتصاد شديد الانفتاح، فالاقتصاد المفتوح هو اقتصاد ينتمي إلى الاقتصاد الكلي أكثر ما يلتقي من الاقتصاد الجزئي، ثانياً إن علم الاجتماع سبق في تعريف الاقتصاد المفتوح ووضع مؤشراً انكشار أي «التجارة الخارجية والصادرات والواردات على الناتج المحلي لإجمالي، إن الدكتور رزق الله أصاب حين قال إن الأزمة لم تبدأ بالأزمة الحالية بل بدأت في القرن الثامن عشر ففي عام 1991 وجدت ما يسمى بأزمة الديون المعدومة، أن آخر تصريف للأزمة الحالية هو أن انتخاب أوباما يشبه تماماً انتخاب روزفلت في أزمة 1929 إذاً باللغة العملية هناك تقاطع ونتائج كارثية والحل هو التغيير والتغيّر وهذا مفتوح على كل الاحتمالات لأن السؤال الذي يطرح نفسه: هل الأزمة ستؤدي إلى حل أم أن الأزمة ستؤدي إلى ظهور أكثر من هتلر كما حصل في التاريخ؟!.

د. علي كنعان: قال أن العالم يتعرض للأزمات منذ عام 1973 وإذا اعتبرنا أن كل أزمة ستكون الأخيرة، وستنهار الرأسمالية فنكون على خطأ، لأن الرأسمالية بداخلها قوى تجدد نفسها، لأن قوى السوق هي قوى حرة التي تستعين بأي خبرة أو كفاءة لتقديم الحلول والمقترحات الجديدة لإنقاذها من الأزمة، في حين أن الاقتصاديات المغلقة ليس لديها شيء، لأن الحكومة فيها تفكر بدلاً عن كل المواطنين والطبقات، وبالتالي فإنها ما أن تقوم من أزمة لتجد نفسها بأخرى.

أما أزمة 1987 فقد سميت بأزمة الأيلول الأسود، إذ هبطت المؤشرات أكثر مما هي عليها الآن، إذاً الفرق بين الاقتصاد المغلق والفتوح، إن الاقتصاد الرأسمالي يجب أن يبحث عن مفكرين وباحثين لإيجاد الحلول والخروج من هذه الأزمة التي لابد من أن تأخذ مداها الزمني اقتصادياً أي بحدود خمس سنوات، أن انهيار أميركا أو انهيار النظام الرأسمالي تعتبر مصطلحات غير واقعية فالسؤال المهم هو هل لدى النظام الرأسمالي الانفلات من الأزمة أم لا؟ ووقتها ستوضح كل شيء.

د. عدنان مصطفى أن ما يجري حالياً في أبهى تجلياته أي خلق منطق أدارة أزمة وليس فغي الأزمة، أن منطق السوق المفتوحة والمغلقة استبدلت بسوق المركز والأطراف، وعندما يعرف الاقتصاد المغلق بأنه إخضاع الاقتصاد للمصلحة الوطنية أو جذر لمصالح الخارجية للمصالح الوطنية كأنك تساوي بين الاقتصاد المغلق والمركز، هذا المركز الذي اختفى بمعنى أنه استبدل المركز بالطرف والطرف بشبه الطرف، أي أن الدول الرأسمالية لا تستطيع أن تعيد التنمية المستدامة أو التنمية المتمركزة بدون إخضاع التنافس الخارجي للمصلحة الوطنية وعلى هذا الأساس فأميركا مضطرة دائماً أن تصدّر الأزمة كما فعلت في حرب الخليج والأفغانستان ودارفور فكل هذه المشاكل هي تجليات سياسية لمنطق تجليات الأزمة على الاقتصاد الداخلي، لذلك فإن أهم الدول التي تعاني من منطق الأزمة هي دول الخليج العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق